يستحب الدعاء أحق، ولأن الدعاء ذكر يراد به العادة، فهو كالأذان وقراءة القرآن والله أعلم.

وأما الفصل الحادي عشر: فهو الصلاة أما الدعاء، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك فعل حين دعا لأمته بقباء، وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب} فقيل معناه: فأجهد نفسك بالدعاء، وإليه فارغب وسله ما عنده من الخير، فإنه لا يمكنه ولا يمكن به غيره وفي هذا بيان. أن الدعاء ينبغي أن يكون بعد الصلاة والله أعلم.

وأما الفصل الثاني عشر: وهو رفع اليدين بالدعاء لما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يستحيي من العبد أن يرفع إليه يديه فيردهما خائبتين" ومعنى يستحي لا يفعل، لأن في العادات أن من استحيا من شيء، تركه. ومعنى لا يفعل: أي لا ينبغي أن يكون الظن به أن لا يفعل لأن ذلك هو الأحسن، وحسن الظن بالله في الجملة أولى، ولأنه يؤثر عنه جل جلاله أنه قال: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني".

فالذي يليق بهذه المقدمة أن يكون الظن الداعي بالله جل جلاله حين دعائه إياه أنه داخل في هذا الوعد، وإن كان ذلك خيرا يحتمل إطلاقه من الخصوص، والتقييد بالشروط ما يحتمله الأمر والنهي والله أعلم.

وغاية رفع اليدين أن يحاذي بهما المنكبين، لما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الدعاء هكذا، ورفع يديه حذو منكبيه، وجهل ظهورهما مما يلي السماء، والابتهال هكذا، ورفع يديه إلى السماء مدا. والإخلاص هكذا، ورفع إصبعه التي تلي الإبهام من اليد اليمنى ليشير بها" والابتهال أشد الدعاء فكذلك تمد اليدان به نحو السماء.

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أصابته شدة رفع يديه في الدعاء حتى يرى بياض إبطيه، وهذا- والله أعلم- على أن الداعي يمد يديه أشد ما يقدر عليه رفعا لهما نحو السماء، كالحريص على شيء يراد إلقاؤه إليه، لتكون يده أقرب إليه. فإن أصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015