فصل

إن قال قائل: لم أخبر الله أن الكفار يكونون يوم القيامة مهطعين مقنعي رؤوسهم وقد علم أن اقناعها دمعها، وأنه لا يرتد إليهم طرفهم. وقال في غير هذه الآية: {خاشعة أبصارهم} وقال: {خشعا أبصارهم} فكيف يكون الرافع رأسه، الناظر نظرا طويلا، حتى أن طرفه لا يرتد إليه، خاشع البصر.

فالجواب: -وبالله التوفيق-: أنهم يكونون في حال المشي إلى الموقف خاشعة أبصارهم. وفي هذه الحال، وصفهم الله تعالى بخشوع الأبصار وأما إذا توافوا، وضمهم الموقف، وطال القيام عليهم، فإنهم يصيرون من الجناة، كأن لا قلوب لهم، ويرفعون رؤوسهم فينظرون النظر الطويل الدائم فلا يرتد إلهم طرفهم، كأنهم قد نسوا الغمض أو جهلوه، وذلك داخل في جملة التشقيق عليهم إلا أنه في غير ذلك الحال والله أعلم.

فصل

إن سأل سائل عن قول الله عز وجل: {يوم يسمعون الصيحة بالحق، ذلك يوم الخروج} فقال: إنما تكون الصيحة للخروج وهم أموات، فكيف يسمعونها.

قيل: إن نفحة الأحياء تميد وتطول، فكانت أوائلها للأحياء وما بعدها للإزعاج من القبور، فما كان للأحياء فإنهم لا يسمعونه. وما كان للإزعاج فهم يسمعونه. ويحتمل أن تتطاول تلك النفخة كما ذكرت، والناس يحسبون منها أولا فأولا، وكلما حيي واحدا سمع ما يحيي به لمن بعده إلى أن يتكامل أحياء الجميع والله أعلم.

فصل

وإذا حشر الناس بعد ما نشروا وحشروا حفاة عراة غرلا، لأنهم كذلك بدؤا، والله عز وجل يقو: {كما بدأنا أول خلق نعيده} فلما كانوا بدئوا غرلا بعثوا غرلا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015