الطاعات بها فلو أعيدت إلى بدن الكافر لكانت أجزاءا من المؤمن فدخلت في النار، وإنما الخلود في النار للكافر وأما عذاب الكفر كاملا فإنه واقع بالكافر لا ينقص منه شيئا لما فات من أجزائه.
فإن قيل: فكيف يبعث: يجوز أن يقال أن الله عز وجل يعوضه مما أكل المؤمن من لحمه مثله، فيكمل جسد الذي كان.
فإن قيل: افيخلص العذاب إلى هذا العوض، أو يكون الألم كله على البدن القديم؟ فإن قلتم إن العذاب يخلص إلى العوض الحادث اجزتم تعذيب ما لم يكن له نصيب في الذنب. وإن قلتم: إن الألم يحل كله على البدن القديم، أوجبتم نقل حصة الأجزاء الفانية من العذاب إلى الأجزاء الباقية، وذلك غير جائز.
قيل: وما في هذا إن قلنا إن العوض الذي كمل به جسمه يتألم بالعذاب، فإن الله عز وجل قال: {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها، ليذوقوا العذاب} فليس هذا مثله وإن قلنا أن الألم كله يخلص إلى باقي البدن القديم، فإن عذاب الكافر القتل وعذاب الكافر القتل قد يجوز أن يكون سواء، فأمكن هذا مثله، وليس ما قالوا من نقل العذاب من بدن إلى بدن في شيء، لأن العذاب كله على النفس الكافرة فإن كملت أبعاض البدن خلص الألم إليها من أماكن شتى، وإن نقصت أبعاض البدن خلص الألم إليها فيما بقى لمقدار في الحالين واحد والله أعلم.
وأما المؤمن يأكل لحم مؤمن فإن المأكول لحمه يعوض من لحمه ما يأكل به بنيته، ويبعث ويجزى بما عمل من الطاعات، ويوصل إليه ثوبا كاملا لا يبخس منه شيئا. فأما الأجزاء التي كان عمل بها عمل الطاعات، ثم صارت من بدن غيره فإنها لا تفرد بثواب. لأن الثواب للنفس المؤمنة، فلو كانت تلك الأجزاء الباقية مع ما بقي من بدنه لكانت نعمة الثواب تأتي نفس المؤمن من قبل جميعها، ولكنها إذا ماتت لم تنعم بنعمة لا يشعر بها المؤمن الذي كان قربها منه ولا يجدها في نفسه.
وأما الكافر يأكل لحم كافر، فالقول فيه على هذا أيضا، وهو أن المأكول لحمه يعوض ما يكمل به بنيته ويجزي بها علم من السيئات جزاء كاملا ولا تعود الأجزاء التي صارت