ولا عذر فيؤذن لهم في تركه عمي عن طريق الجنة لأن الله عز وجل قد قال: {فأهدوهم إلى صراط الجحيم، وقفوهم إنهم مسئولون} فهم لا يهتدون إلى غيره.
وهذا أيضا كما قال الله عز وجل: {لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم} وقال: {لا بشرى يومئذ للمجرمين}. فدلت هذه الآيات على أن المراد بهذه الآيات الصم والبكم والعمي في الآخرة ما ذكرنا والله أعلم.
وأما قوله الله عز وجل: {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم} فيحتمل أن يكون المراد أنهم من مر الذلة يكونون ناكسي رؤوسهم، لا يبصر أحد منهم إلا موضع قدمه، فهو كذلك كأنه يمشي على وجهه قصد قدميه لا قصد نفسه، وقد وصفهم الله تعالى بذلك فقال: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم}.
فيحتمل أن تكون إشارة إلى حشرهم على وجوههم، لأن وجوههم إذا كانت على الأرض، كانوا ناكسي الرؤوس، ويكون الدليل على هذا ما روى أنس رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، الكفار يحشرون على وجوههم. قال (أليس الذي امشاه على رجليه في الدنيا قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة).
فهذا الحديث ينبئ أن ذكر الحشر على الوجه تحقيق وليس بمثل للخشوع، وليس ذلك بمستنكر، فإن الله تعالى جعل الجنة التي هي عدو بني آدم يمشي على بطنها، فإن ألحق الكفار والذين هم أعداء المؤمنين في الآخرة بها فجعلهم مشاة على بطونهم ووجوههم لم يبعدوا والله أعلم.
فصل
إن سأل سائل عن كيفية انتهاء الحياة الأولى وابتداء الحياة الأخرى، وصفة يوم القيامة، وما يكون قبل المحاسبة، قيل له- وبالله التوفيق-: