فذاك من الكبائر، فإن اتخذ عادة فهو من الفواحش، وإن ترك إيتاء الجمعة لغيرها فذاك من الصغائر، وإن اتخذ ذلك عادة قصد به مباينة الجماعة والانفراد عنهم فذاك كبيرة، وإن اتفق على ذلك أهل بلده فهو من الفواحش.

ومنع الزكاة كبيرة ورد السائل صغيرة، فإن اجتمع علة منعه أو كان المنع من واحد إلا أنه زاد على المنع الإشهار والأغلاط فذاك كبيرة.

وكذلك إن أتى محتاج موسعا على طعام فتاقت إليه نفسه، فإن تعاطيه كبيرة وتعاطيه على وجهه يجمع وجهين أو وجها من التحريم كان فاحشة، وتعاطيه على وجه يقصر به عن رتبة المنصوص أو تعاطي ما دون المنصوص الذي لا يستوفي معنى المنصوص الذي نهي عنه، لئلا يكون ذريعة له إلى غيره، فهذا كله من الصغائر، وتعاطي الصغيرة على وجهين أو وجها من التحريم كبيرة.

مثال ذلك أن قتل النفس بغير حق محرم بعينه منهي عنه لمعنى في نفسه، فهو انتهاك حرمة الله عز وجل بانتقاص مخاطب مكلف من الجملة، فذلك إن كان عمدا كبيرة، لأن العامل متسع لاستيفاء من يريد قتله وانتقاصه. فإن احتقار الانتقاص وقتل فقد أراد الخيانة وآثرها فكانت منه كبيرة. وإن وقع ذلك خطأ لم تكن كبيرة، ولأن زوال العمل يقتصر بقتله عن رتبة المنصوص فإنه لا يكون عند ذلك مؤثرا لانتقاص عدد المخاطبين المكلفين من بين الجملة.

فإن كان المقتول أبا أو ذا رحم، أو كان القتل في البلد الحرام أو قطع طريق كانت فاحشة لما في ذلك من انتهاك حرمات كثيرة مضمونة إلى حرمة المقتول، وإن ترك القتل إلى شيء دونه من إيلام بضرب غير منهك أو جرح لا ينقص به المجروح عضوا ولا يتعطل به عليه من منافع بدنه منفعة لم يكن ذلك كبيرة. لأن هذه الجناية لا تستوفي معنى القتل المنصوص وإن وجد فيه بعض معناه. لأن معنى الإيلام أو أنهار الدم وإن وجد، فإن أماته الحي لا يوجد فيه، فيفارق بذلك القتل وقطع الطريق ولا يكون كبيرة.

وإن تعاطي قتل أب أو أم أو ذوي رحم من كان، أو كان ذلك في حرم أو أشهر حرام أو استضعافا لمسلم أو استعلاء عليه، فذلك كبيرة لأنه فعل يجمع إيلام المجني عليه، وإنهار شيء من دمه أو طرفه إليه فصار بذلك كبيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015