كله التصديق والقبول دون الفعل لما تقدم ذكره من الدليل، لأن الاعتقاد لو وجد ولم يدرك من أوقات الفعل شيئا كان مؤمنا.

فيقال له: إن هذه الأمور كلها مبنية على التوحيد. ومعلوم أن المراد به إقامته لا يقبله، فكذلك ما بعده ذكر من اتباع أمر الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمراد به الفعل التقبل. وأيضا فإنه لا خير للمسلمين ولا فائدة في أن يتقبل بعضهم أمر بعض بالمعروف، ونهيه عن المنكر، ولا ذلك إلى التقبل يصح، وإنما النصح فعل ذلك وإقامته، فصح أنه هو المراد بالحديث، هو الفعل لا القبول وحده والله أعلم.

وأما قوله: إن الاعتقاد لو وحد ولم يدرك من أوقات الفعل شيئا لكان مؤمنا. فجوابه: أن الاعتقاد لو وجد ولم يدرك من أوقات الفعل شيئا لم يكن فاسقا بل كان عدلا. أفيدل ذلك على أنه لو أدرك وقت الفعل المأمور به فلم يفعل كان عدلا ولم يكن به فاسقا؟ فإذا قال: لا! قيل له: وكذلك إذا لم يدرك من وقت الفعل شيئا كان من غير الفعل الذي لم يدرك وقته مؤمنا ولا يدل ذلك على أنه لو أدركه وهو مأمور به ففعله، ثم لم يكن ذلك إيمانا منه، ولم يكن به مؤمنا. فالقول في إيمانه عندي كالقول في عدالته عندك. ويقال له: الإيمان فعل الطاعة المأمور بها ومن لا يدرك وقت الطاعة فهو غير مأمور بها، فإن فاته فعلها فلم يفته إيمان، وإذا أمر بها وأردك وقتها، فإن فعلها كانت منه إيمانا وإن لم يفعلها فسق، وكان ذلك جرحا لإيمانه، فإنما المعول على الأمر، والأمر إلا على مجرد الفعل، ولا فعل، والله أعلم.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015