الوجه هو المعنى الذي قصد اشتراك الطرفين فيه "كالجمال" في قولك: "سعدي كالبدر" و"كالسرعة" في قولك "الجواد كالريح" -فكل من "الجمال والسرعة" وجه الشبه لأنه المعنى الذي اشترك فيه الطرفان في قصد المتكلم، فليس كل معنى مشترك بين الطرفين وجه الشبه مالم يقصد جعله موضع اشتراك، وإلا فإن الطرفين قد يشتركان في كثير من المعاني كالحيوانية والجسدية، والوجود، والحدوث وغيرها، وهي -مع ذلك- لا يعد واحد منها وجه شبه- اللهم إلا إذا قصد إليه المتكلم واعتبره وجها للشبه بين الطرفين لغرض ما "كالتقريع" مثلا، كأن ترى إنسانا يقسو على حيوان ضعيف، ويحمله مالا يطيق، فتقول له: "هذا مثلك فارحمه" تريدك مثلك في الحيوانية، أو الجسدية، فيكون لهذا الوجه حينئذ مزيد اختصاص، من حيث أنه قصد إليه بالذات لهذا الغرض.
والتشبيه باعتبار الوجه تقسيمات عدة:
القسم الأول:
ينقسم التشبيه بهذا الاعتبار إلى قسمين -تحقيقي، وتخييلي:
فالتحقيقي: ما يكون وجه الشبه فيه قائما بالطرفين حقيقة كقول الشاعر يصف فرسا أدهم بسرعة الجرى:
وأدهم كالغراب سواد لون ... يطير مع الرياح ولا جناح
فوجه الشبه بين الطرفين "السواد" وهو قائم بالطرفين على وجه الحقيقة، والتخييلي: ما لا يكون الوجه فيه قائما بالطرفين، أو بأحدهما إلا تخيلا، بمعنى: أن يثبته الخيال، يجعله غير المحقق محققا- فمثال ما فيه الوجه