و ويكون مبينا بالمشبه -كما في قول الشاعر:

فما زلت في ليلين شعر وظلمة ... وشمسين من خمر ووجه حبيب

فالمشبه به في الشطر الأول هو "الليل" وقد بين بالمشبه، وهو "الشعر" والمشبه به في الشطر الثاني هو "الشمس" وقد بين المشبهين: الخمر ووجه الحبيب- ومثله تماما الشطر الأول من قول الشاعر:

ودخلت في ليلين فرعك والدجى ... ولئمت كالصبح المنور فاك1

وعليه قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} ، فالمشبه به هوالخيط الأبيضن وقد بين بالمشبه، وهو "الفجر" يريد: حتى يبدو لكم الفجر كالخيط الأبيض- ولزم بطريق المقابلة: أن يشبه الليل بالخيط الأسود ليكون المعنى: حتى يتبين لكم بياض النهار من سواد الليل.

إلى هنا وضح لك من كل هذه الأمثلة والشواهد. أنه لا بد في التشبيه الاصطلاحي من ذكر الطرفين، ولن تقديرا2، على وجه ينبئ عن التشبيه: بألا يستقيم المعنى إلا بالحمل على التشبيه كما في الأمثلة المذكورة -وأنه لا بد فيه من أداة التشبيه ملفوظا بها، أو مقدرة في الكلام- على ما رأيت.

ولهذا لا يعتبر من التشبيه الاصطلاحي3: الاستعارة بأنواعها- عل ما سيأتي كما لا يعد منه: التشبيه على طريق التجريد، في بعض صوره، وهو ما كان المنتزع فيه غير المنتزع منه كما تقول: "لقيت بخالد أسدا، وغمرني منه بحر". فقد بولغ في تشبيه خالد بالأسد حتى جعل أصلا جرد منه أسد -كما بولغ في تشبيهه بالبحر، بحيث جعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015