الفرد المبهم، والتي للاستغراق على جميع الأفراد مشروط بالقرينة الدالة على ما حملتنا عليه أما بدونها فكلتا اللامين محمولة على الحقيقة؛ لأن مدخولها موضوع للحقيقة -كما أسلفنا- وإذًا فالنظر إلى الفرد المبهم "في لام العهد الذهني"، أو إلى جميع الأفراد "في لام الاستغراق" إنما هو بالقرينة لا بالوضع.

الثاني: قلنا إن المعرف بلام العهد الذهني موضوع للحقيقة، وإنما يحمل على الفرد المبهم عند قيام القرينة الدالة عليه, فهو إذًا ذو شبهين من جهتين, يشبه النكرة من جهة المعنى، ويشبه المعرفة من جهة اللفظ.

أما شبهة بالنكرة؛ فلأن مفاد كل منهما غير معين1 ولهذا يعامل معاملة النكرة، فيوصف بالجملة كما توصف النكرة قال الشاعر:

ولقد أمر على اللئيم يسبني ... فمضيت ثمت قلت لا يعنيني2

يريد أنه كريم الخلق، بعيد الأناة، لا تنال منه سقطة اللئيم، ولا تستفزه سفاهة الجاهل فهو إذ يسمع من اللئيم ما يسيئه يصدف عنه، محدثا نفسه بأن اللئيم لا يعنيه ولا يقصده، بل يريد غيره3, ويحتمل أن يكون المراد: أنه يصدف عنه غير عابئ به، فلا يعيره أذنا، ولا يقيم له وزنا4 حفظا لكرامته, والشاهد قوله: "يسبني" فإن الجملة هنا صفو "للئيم" لأنه في معنى النكرة إذ إن الشاعر لم يرد لئيما بعينه؛ لأن ذلك يتنافى مع ما يريده من التمدح بفضيلة الحلم فقد يحلم الإنسان مع شخص،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015