فإتيان المسند إليه1 وهو لفظ "الذكر" محلى بأل للإشارة بها إلى معهود خارجا عهدا كنائيا لتقدم ذكره كناية في قوله تعالى حكاية عن امرأة عمران: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} . فإن لفظ" ما" مبهم يعم بحسب وضعه الذكور والإناث لكن التحرير، وهو أن يعتق الولد ليكون وقفا على خدمة بيت المقدس إنما كان للذكور دون الإناث، فلفظ "ما" حينئذ كناية2 عن الذكر باعتبار اختصاص التحرير بالذكور, وأما لفظ "الأنثى" فاللام فيه للإشارة إلى ما سبق ذكره صريحا في قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} فهي من القسم الأول من أقسام اللام غير أنه ليس مسندا إليه؛ لأنه مجرور بالكاف خبر "ليس" فلا شاهد فيه.
والثالثة: ألا يتقدم لمدخولها ذكر مطلقا، لا صريحا ولا كناية ولكن للمخاطب علم به, وهذه اللام على قسمين كما ذكرنا سابقا.
الأول: أن يكون مدخولها حاضرا في المجلس، وتسمى اللام حينئذ "لام العهد العلمي الحضوري" كما تقول في شأن رجل حاضر في المجلس: "أبدع الرجل في كلامه" لمخاطب سبق له علم به.
والثاني: أن يكون مدخولها غائبا عن المجلس, وتسمى اللام حينئذ "لام العهد العلمي فقط" كأن يقال في شأن رجل غائب عن المجلس: "خطب الرجل فجود في خطابه" لمن سبق له به علم, فإتيان المسند إليه في القسمين محلى بأل للإشارة بها إلى معهود خارجا عهدا علميا لتقدم علم المخاطب به.