أن المشبه به ادعاء في نحو قولك: "أنشبت المنية أظفارها" مثلا إنما هو المشبه، وقد أسند إليه ما هو من لوازم المشبه به حقيقة، وهو "الإنشاب"، وكان حقه أن يسند إلى المشبه به الحقيقي، وهو "السبع"، فيكون حينئذ إسنادا للشيء إلى غير ما هو له، وذلك هو المجاز العقلي بعينه فالسكاكي في كلتا الحالين مؤاخذ, سواء أراد بالمشبه المشبه به حقيقة، أو ادعاء.

وأجيب عنه في الاعتراض الأخير بأنا لا نسلم أن ذكر طرفي التشبيه مطلقا مانع من الحمل على الاستعارة، وإنما يمنع من الحمل عليها ذكرهما على وجه ينبئ عن التشبيه، ويدل عليه بألا يصح المعنى إلا بمراعاة التشبيه، وذلك إذا وقع المشبه به خبرا عن المشبه نحو: "عنترة بني عبس أسد"، أو وقع حالا منه، أو صفة له نحو: حمل عنترة على الأعداء أسدا، ومررت برجل أسد، فإن حمل الأسد على عنترة، أو وقوعه حالا منه، أو وصف الرجل به ممنوع لتباين المفهومين، فيتعين إذًا الحمل على التشبيه بتقدير أداته.

أما إذا كان الجمع بين الطرفين على وجه لا ينبئ عن التشبيه، ولا يدل عليه فذلك لا يمنع من أن يكون استعارة كما في قولك: "سيف عمرو بن معديكرب في يد أسد"، ولقيت من خالد بن الوليد أسدا, ومنه قولهم: نهاره صائم" "وليله قائم"1 بدليل أن السكاكي نفسه جعل قول الشاعر:

لا تعجبوا من بلى غلالته ... قد زر أزراره على القمر2

من باب الاستعارة استعير فيه لفظ "القمر" لذات المحبوب، مع ذكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015