فإن كان المخاطب في المثال السابق منكرا لنجاح أخيه، معتقدا إخفاقه لسبب ما وجب عليك أن تؤكد له الخبر محوا لهذا الإنكار، فتقول: "إن أخاك لناجح" فإن لم يقتنع المخاطب، وأصر على إنكاره زدته تأكيدا1. حتى يمحي هذا الإنكار, ومنه قوله تعالى حكاية عن رسل عيسى عليه السلام إذ كذبوا2 في المرة الأولى: {إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} مؤكدا بإن، واسمية الجملة3، وإذ كذبوا في المرة الثانية قال: {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} مؤكدا بالقسم4، وإن، واللام، واسمية الجملة لإمعان المخاطبين في الإنكار إذ قالوا: {مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ} وسمي هذا الضرب إنكاريا؛ لأنه مسبوق بإنكار, وهكذا تختلف الأساليب باختلاف المقاصد، ويتنوع الكلام حسبما يقتضيه المقام.
وقد يخفى على بعض ذوي البصر ما في اللغة العربية من خواص ودقائق، فيقع في حيرة وارتباك حتى يقيض الله له بعض من سبروا غورها، ووقفوا على أسرارها، فيحسر اللثام عن وجه الحقيقة، ويداوي