المراد بالعلم الملكة التي يقتدر بها على معرفة المسائل الجزئية التي تندرج تحت قواعد هذا الفن.
بيان ذلك: أن واضع هذا الفن تتبع كلام العرب فوجدهم يؤكدون القول لمنكر الحكم، فيقولون: "إن حسانا لشاعر، وإن زيادا لخطيب، وإن عليا لشجاع"، فاستنبط من تتبع هذه الجزئيات قاعدة عامة هي: كل كلام يلقى للمنكر يجب توكيده، ووجدهم يرسلون القول خلوا من التأكيد إذا خاطبوا خالي الذهن، فيقولون: "حسان شاعر، وزياد خطيب, وعلي شجاع" فاستخلص من ذلك أصلا عاما هو: "كل كلام يلقى لخالي الذهن يجب خلوه من التأكيد, وهكذا استقصى أساليبهم، فاستخرج منها قواعد الفن وأصوله، وفيها تندرج مسائله وقضاياه الجزئية.
وبممارسة هذه القواعد والأصول ومزاولتها تتربى في النفس ملكة, وهي قوة راسخة في النفس يتمكن بها الإنسان متى شاء من استحضار جزئيات هذا الفن, فإذا خاطبت منكرا لحكم من الأحكام كشاعرية حافظ مثلا استطعت بهذه الملكة الناشئة من ممارسة تلك القواعد أن تستخرج الجزئي المندرج تحت القاعدة القائلة: كل كلام يراد إلقاؤه إلى منكر يجب