1- ما يكون وجهه ظاهرا يستوي في إدراكه العامة والخاصة, كما في تشبيه الشعر بالفحم، والقدّ بالغصن، والوجه بالبدر. فأوجه الشبه في هذه المثل من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى إعمال فكر.

2- ما يكون وجهه خفيا، لا يدرك ببديهة النظر, بل يحتاج إلى تأمل وتعمل. مثاله ما روي أن فاطمة بنت الخرشب1 الأنمارية سُئِلت عن بنيها الأربعة: أيهم أفضل؟ فقالت: "هم كالحلقة المفرغة، لا يدرى أين طرفاها" تريد: هم في تناسبهم في الشرف، والشجاعة، وعدم تفاوتهم فيهما بحيث يمتنع تفضيل أحدهم على الآخر، كالحلقة المتصلة الجوانب، فإن أجزاءها متناسبة في الصورة، يمتنع تعيين بعضها طرفا، وبعضها وسطا. فوجه الشبه بين الطرفين هو "التناسب الكلي الخالي عن التفاوت"، وقد أشعر به قولها: "لا يدرى أين طرفاها"، غير أنه في المشبه تناسب في الشرف, وفي المشبه به تناسب في صورة الأجزاء، وهو -كما ترى- خفي دقيق، فوق متناول مدارك العامة, ولا يدركه إلا من ارتفع منهم إلى طبقة الخاصة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015