وهو مفرد مقيد بإضافته إلى القارئ, ووجه الشبه هيئة مجموع الحركات المختلفة باختلاف الجهات, غير أن هذه الهيئة تحقيقية في المصحف، تخييلية في البرق, إذ لا انفتاح فيه، ولا انطباق حقيقة وإنما هو ظهور يعقبه خفاء والعكس, إلا أنه يشبه في هذه الحالة المصحف، يفتحه القارئ تارة، ويطبقه أخرى. فهو -كما ترى- لم يعتبر في الهيئة المنتزعة شيئا من أوصاف الجسم، وإنما راعى فقط تلك الحركات المختلفة النواحي عند انفتاح المصحف وانطباقه، وعند ظهور البرق واختفائه. ولا شك أن المصحف يتحرك في كل من حالتي الانفتاح والانطباق إلى جهات مختلفة، فبعضه يتحرك إلى اليمين وبعضه إلى اليسار، ومجموعه إلى العلو حالة الانطباق، وإلى السفل حالة الانفتاح, وكذلك حال البرق في ظهوره وخفائه في مرأى العين. ومثله تماما قول الشاعر:

والسحب تلعب بالبروق كأنها ... قار على عجل يقلب مصحفا

ونظير ذلك قول الشاعر يصف روضة:

حفت بسرو كالقيان تلحفت ... خضر الحرير على قوام معتدل

فكأنها والريح تخطر بينها ... تبغي التعانق ثم يمنعها الخجل1

فوجه الشبه في البيت الثاني منتزع من هيئة حركة التهيؤ للدنوّ بغية العناق، وحركة الرجوع سريعا إلى أصل الافتراق، وتكررهما مرة بعد أخرى، فقد اعتبر في انتزاع الوجه مجرد هذه الحركات، دون مراعاة شيء آخر من أوصاف الجسم2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015