و"كاستطابة النفس" في قولك: "العطر كالخلق الكريم" فالمشبه حسي, والمشبه به عقلي عكس الأول، والوجه في الجميع عقلي كما رأيت.
والمركب العقلي كما في قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} .
شبه حال اليهود المنتزعة من حملهم للتوراة، بمعنى تكليفهم العمل بها، وكون المحمول مستودع العلم النافع لهم، وعدم حملهم لها بمعنى عدم العمل بمقتضاها، والانتفاع بما فيها، مع تحملهم ما طلب إليهم، مما يثقل عليهم، ويشق على نفوسهم, شبه هذه الحال بحال الحمار المنتزعة من حمله أوعية العلوم، ومستودع ثمار العقول، وعدم انتفاعه بما يحمل، مع معاناته مشاق الحمل. ووجه الشبه بين الحالين هو هيئة الحرمان من الانتفاع بأبلغ نافع، مع معاناة الكد في استصحابه. وهذه الهيئة أمر عقلي انتزع من عدة أمور كذلك1. ومثل الآية الكريمة قول الشاعر:
والمستجير بعمرو عند كربته ... كالمستجير من الرمضاء2 بالنار
شبه حال من أصابته شدة، فالتجأ إلى عمرو طمعا في الاحتماء به, فإذا عمرو أشد خطرا مما وقع فيه بحال من لذعته الرمضاء، فالتجأ إلى ما هو أشد لذعة، وأنكى ألما. ووجه الشبه هيئة الالتجاء من