وجه هند كالبدر، وشعرها كالليل، فوجه الشبه بين الطرفين هو "الإشراق" في الأول، "والسواد" في الثاني, وكلا المعنيين قائم بالطرفين على وجه الحقيقة.
والتخييلي: ما لا يكون الوجه قائما بالطرفين، أو بأحدهما إلا تخيلا، وهو أن يثبته الخيال بجعله غير المحقق محققا. فمثال ما فيه الوجه متخيل في أحد الطرفين قولك: "له سيرة كنفح1 الطيب" و"أخلاق كأريج المسك" فقد شاع وصف كل من السيرة والأخلاق بالطيب مبالغة, حتى تخيل أنهما من ذوات الرائحة الطيبة, فوجه الشبه وهو "الرائحة الجميلة" متخيل في المشبه في المثالين، ومن هذا القبيل قول القاضي التنوخي:
رب ليل قطعته بصدود ... وفراق ما كان فيه وداع
موحش كالثقيل تقذى به العيـ ... ـن وتأبى حديثه الأسماع
وكأن النجوم بين دجاه ... سنن لاح بينهن ابتداع2
والشاهد في البيت الأخير, فإن وجه الشبه فيه هو الهيئة الحادثة من حصول أشياء بيض مشرقة، في جوانب شيء مظلم وهي غير موجودة في المشبه به ضرورة أن "الإشراق" -لكونه حسيا- لا تتصف به السنة لأنها أمر عقلي، وأن "الإظلام" -لكونه حسيا أيضا- لا تتصف به البدعة؛ لكونها أمرا عقليا كذلك. فوجه الشبه إذًا غير موجود في المشبه به إلا على طريق التخيل والتوهم بافتراض غير الحاصل حاصلا.
بيان ذلك: أنه لما كانت البدعة، وكل ما هو ضلال مما يجعل صاحبه كمن يمشي في الظلام، فلا يهتدي إلى طريق النجاة شبهت