الأعيان، وإنما المدرك مادته وهي: الأعلام، والياقوت، والرماح؛ والزبرجد, وهذا كافٍ في جعل الشيء حسيا.
فالحسي حينئذ: هو ما يدرك بذاته، أو بمادته بإحدى الحواس الخمس ليشمل الخيالي, ومثل قول الصنوبري قول الشاعر يصف الخمر في الكأس:
كأن الحباب المستدير برأسها ... كواكب در حشوهن عقيق
شبه هيئة الفقاقيع الطافية على وجه الكأس بهيئة كواكب من در منثورة في سماء من عقيق. فالمشبه به خيالي لا يدرك بالحس؛ لعدم وجوده خارج الأعيان، وقد فرض مجتمعا من أمور, كل منهما مدرك بالحس، وهي: الكواكب، والدر، والسماء، والعقيق.
ومن العقلي ما لا يدرك هو, ولا مادته بإحدى الحواس الظاهرة؛ لعدم وجوده خارجا، ولكنه لو وجد لم يدرك إلا بها1, ويسمى "وهميا" وهو ما اخترعه الوهم من عند نفسه، من غير أن يكون له، ولا لمادته وجود في الخارج كقول امرئ القيس:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال؟ 2
وكقوله تعالى في شجرة الزقوم: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} فأنياب الأغوال، ورءوس الشياطين لم توجد هي، ولا مادتها، وإنما هي من اختراعات الوهم وافتراضاته.