6- أن يكون هو مبينا بالمشبه, كما في قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} فالفجر مشبه بالخيط الأبيض وقد جاء بعد المشبه به مبينا له، أي: حتى يتبين لكم الفجر كالخيط الأبيض, ومنه قول الشاعر:
فما زلت في ليلين شعر وظلمة ... وشمسين من خمر ووجه حبيب
وقول أمير الشعراء أحمد شوقي بك:
ودخلت في ليلين فرعك والدجى ... ولثمت كالصبح المنور فاك
شبه الشعر في البيتين بالليل، ثم ذكر الشعر وما عطف عليه؛ بيانا للمشبه به في قوله: "ليلين".
فاتضح لك من كل ما تقدم من الأمثلة أنه لا بد في التشبيه الاصطلاحي من ذكر الطرفين1 على وجه ينبئ عن التشبيه, بحيث لا يستقيم المعنى إلا بالحمل على التشبيه2 كما في الأمثلة المذكورة، وأنه لا بد فيه من أداة التشبيه ملفوظة أو مقدرة كما رأيت.
ولهذا لا يعتبر من التشبيه الاصطلاحي الاستعارة بأنواعها3، والتشبيه على طريق التجريد في بعض صوره4، وهو ما يكون المشبه بحيث يجعل أصلا ينتزع منه المشبه به مبالغة في التشبيه, كما تقول: "لقيت بخالد أسدا"، "ولقيني منه أسد" فقد بولغ في