البلاغة يتوقف أمرها على شيئين:

الأول: الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد، وهو معنى مطابقة الكلام لمقتضى حال الخطاب, على ما تقدم بيانه.

الثاني: السلامة من العيوب المخلة بالفصاحة، على ما فصلناه لك سابقا.

تتمة: علمت مما تقدم في بيان تعريف الفصاحة والبلاغة، ما يعرض للفظ من عيوب، وما ينتابه من خلل، فيجمل بنا إذًا أن نعرف: بم نتقي هذه العيوب، ونتجنب هذا الخلل في كلامنا حتى يخرج اللفظ سليما معافى في جوهره, وصيغته، ومعناه, لا يشكو عيبا، ولا يحس نقصا؟ فنقول:

أ- التنافر: ملاك معرفته الذوق السليم، فلا حاكم فيه سواه، فهو الذي يدرك أن نحو: "مستشزر" متنافر، دون مرتفع، وهو الذي يحس ما بين الكلمات مجتمعة من تنافر، أو تضافر.

ب- المخالفة: يمكن الاحتراز عنها بالوقوف على ما نقل عن الواضع, أو بالاطلاع على قواعد علم التصريف؛ إذ هو الباحث في صيغ المفردات، ونهج استعمالها. فمن ألمّ بقواعده عرف أن نحو: "الأجلل" مخالف دون "الأجل" إذ من قواعدهم: أن المثلين إذا اجتمعا في كلمة واحدة، وكان ثانيهما متحركا، ولم يكن زائدا لغرض وجب إدغامهما.

جـ- الغرابة: يمكن اجتنابها بالاطلاع على علم متن اللغة. فمن تتبع معاجم اللغة، ووقف على معاني المفردات المستعملة علم أن ما عداها مما يفتقر إلى تنقيب، أو تخريج غير سالم من الغرابة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015