خفي لزومه للمعنى الأول1, كقول العباس بن الأحنف2:
سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا ... وتسكب عيناي الدموع لتجمدا
عبر بالسين الدالة على معنى التسويف -وإن كان مراده الطلب في الحال- لاعتبار لطيف هو أن البعد عن الديار -وإن كان في زعمه وسيلة للقرب من الأحبة، وهو ما يأمله ويبتغيه- جدير أن يسوف, ولا يطلب في الحال لأنه في ذاته مبغض؛ غير مرغوب فيه, و"تسكب" برفع الباء عطف على "أطلب" مجردا عن السين؛ لأن البكاء شعار المحبين وسمة العاشقين, فالتسويف فيه لا يناسب حالهم. ولا يصح فيه نصب الباء؛ لأنه إما أن يكون معطوفا على "بعد الدار"، أو معطوفا على "لتقربوا" وهو لا يحسن في الأول، ولا يصح في الثاني.