قفرا -على هذا القول- قيامه وحده في هذا المكان, و"قرب" ظرف مكان خبر ليس مقدما، ولفظ "قبر" اسمها مؤخرا.

والشاهد فيه المصراع الثاني؛ فإن كلماته متعادية ينفر بعضها من بعض أشد النفور, حتى إن اللسان لا يكاد يلفظ بها مجتمعة. ومثله قول الشاعر:

أزج زلوج هزرفي زفازف ... هزف يبذ الناجيات الصوافنا1

فإن اللسان ليتعثر عند النطق به, أيما تعثر.

والثاني كقول أبي تمام من قصيدة يعتذر بها لممدوحه، ويتبرأ مما نسب إليه زورا وبهتانا:

كريم متى أمدحه أمدحه والورى ... معي وإذا ما لمته لمته وحدي2

يصف الشاعر ممدوحه بالكرم والسخاء, وأنه إذا ما جرى لسانه بمدحه رأى الناس عامة ألسنة مدح وثناء معه لفيض إنعامه وعموم أياديه, وإذا ما هم بلومه لم يتبعه فيه أحد لبراءته مما يقتضي اللوم, والواو في قوله: "والورى معي" واو الحال بدليل وقوع هذه الجملة في مقابلة قوله: "وحدي" الواقع آخر البيت, فإنه حال أيضا,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015