فصدر البيت يدل بمفهومه على نفي الكامل من الرجال إذ يريد أن يقول: إذا لم تضم أخا إليك، وتقبله على عيبه، وتغض النظر عن زلاته ولم تؤاخذه على كل جريرة لم يطق عشرتك أحد، ولم يبق أخ في الدنيا, إذ ليس في الرجال مهذب كامل التهذيب، مبرأ من العيب فقوله بعد ذلك: أي الرجال المهذب؟ تذييل أتى به تأكيدًا لذلك المفهوم؛ لأنه في معنى قولك: ليس في الرجال مهذب كامل.

10- يكون بالاعتراض: وهو أن يؤتى في أثناء الكلام بجملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب لأغراض منها:

"أ" التنزيه: كما في قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} , فقوله: {سُبْحَانَهُ} اعتراض وقع في أثناء الكلام لغرض تنزيهه تعالى عما يقولون علوًّا كبيرًا.

"ب" الدعاء: كما في قول عوف بن محلم الشيباني يشكو ضعفه:

إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

يشكو الشاعر ضعف سمعه بسبب الكبر, حتى صار بحيث يحتاج إلى من يكرر له القول بصوت أجهر من سابقه, والشاهد في قوله: "وبلغتها", فهو اعتراض أتى به أثناء الكلام لقصد الدعاء للمخاطب بطول العمر, وهذه الواو تسمى واو الاعتراض.

"ج" التنبيه على فضيلة العلم كما في قول الشاعر:

واعلم فعلم المرء ينفعه ... أن سوف يأتي كل ما قدرا

يقول: إن الذي قدر "لا محالة" آت طال الزمن أو قصر، وفي هذه تسكين للنفس وتسهيل للأمر عليها؛ لأنها إذا علمت: أن ما قدره الله لا بد آت سهل عليها الصبر، والتفويض، والاستسلام. والشاهد قوله: "فعلم المرء ينفعه"، فهو اعتراض أتى به تنبيهًا للمخاطب على فضل العلم، وهذا مما يزيده إقبالا على طلبه.

"د" زيادة التأكيد كما في قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} فقوله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} , تفسير لقوله: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015