فمثالها في الفعل، باعتبار مادته قولك: "نطقت حالك بكذا"، أي: دلت- فالنطق- كما هو معلوم- وصف للإنسان لا للحال، وإنما توصف الحال بالدلالة.

وتقرير الاستعارة فيه أن يقال: شبهت الدلالة الواضحة بالنطق في إيضاح المعنى، ثم ادعى "مبالغة" أن الدلالة داخلة في نطاق النطق. وفرد من أفراده، ثم استعير النطق للدلالة الواضحة، فصار النطق بمعنى الدلالة الواضحة1، ثم اشتق من النطق بهذا المعنى: "نطقت" بمعنى "دلت" على سبيل الاستعارة التبعية.. وقس على هذا.

ومثالها في الفعل، باعتبار صيغته قوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} فمن المعلوم أن أمر الله لم يأت بعد، وإنما سيأتي بدليل قوله: "فلا تستعجلوه, فكان سياق الكلام أن يقال: "يأتي أمر الله" بصيغة المضارع، لكنه عبر بصيغة الماضي تجوزا.

وإجراء الاستعارة فيه أن يقال: شبه الإتيان في المستقبل بالإتيان في الماضي في تحقق الوقوع، ثم ادعى أن الإتيان في المستقبل داخل في جنس الإتيان في الماضي، ثم استعير لفظ "الإتيان في الماضي" للإتيان في المستقبل، فصار الإتيان في الماضي، بمعنى الإتيان في المستقبل، ثم اشتق من الإتيان بهذا المعنى، "أتى" بمعنى "يأتي" على سبيل الاستعارة التبعية, وهكذا يقال في أمثال ما ذكر.

وكما تستعمل: صيغة الماضي في المستقبل -كما مثلنا- تستعمل صيغة المضارع في الماضي كما في قوله تعالى حكاية لقول إبراهيم عليه السلام لولده إسماعيل: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} . فالرؤيا المذكورة وقعت -لا محالة- فكان سياق الكلام أن يقال: إني رأيت في المنام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015