تنبيهان:

الأول: اعلم أن التشبيه البليغ1 هو ما كان بعيدا غريبا2 كما في تشبيهات الهيئات المنتزعة من أمور متعددة على ما عرفت- سواء كان الوجه مركبا من أمور كثيرة أو لا، وسواء ذكرت الأداء أو لا. لما هو مركوز في الطباع: من أن الشيء إذا نيل بعد احتيال له ومعاناة التوسل إليه. كان نيله أحلى، وموقعه في النفس ألذ وأشهى- ولهذا ضرب المثل لكل ما لطف موقعه، ودق موضعه ببرد الماء على الظمأ. قال القطامي:

وهن ينبذن من قول يصبن به ... وقع الماء من ذي الغلة الصادي3

قالوا: وما أشبه هذا الضرب بالجوهر في الصدق، لا يبرز إليك إلا أن تشقه عنه، أو بالجيب المتحجب، لا يريك وجهه حتى تستأذن، وقديما قالوا:

وزاده كلفا4 في الحب أن منعت ... رحب شيء غلى الإنسان ما منعا

أما إطلاق البليغ على التشبيه المحذوف منه الأداة إطلاقا شائعا، فهو اصطلاح لبعضهم، وإلا فهو يسمى "تشبيها مؤكدا" لما فيه من دعوى اتحاد الطرفين، مجمل أحدهما على الآخر. على ما سيأتي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015