أحرم به وصيغتها: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، ويكررها ثلاثًا، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل الله تعالى الرضا والجنة والاستعاذة من النار، ثم دعا بما أحب، وإذا رأى المحرم أو غيره شيئًا يعجبه أن يكرهه قال: لبيك إن العيش عيش الآخرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومن قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الحج العج والثج" 1 والعج، رفع الصوت بالتلبية، والثج نحر البدن، أما المرأة ومثلها الخنثى فيندب لها إسماع نفسها فقط فإن جهرت بها كره، وإنما حرم أذانها لأن كل أحد يصغي إليه فربما كان سببًا لإيقاع الناس في الفتنة بخلافه هنا فإن كل أحد مشتغل بتلبيته عن تلبية غيره "إلا في أول مرة" وهي التي في ابتداء الإحرام "فيسر بها" ندبًا بحيث يسمع نفسه فقط على المعتمد "و" في هذه " يندب أن يذكر ما أحرم به" لا فيما بعدها "وصيغتها" المستحبة تلبيته صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه وهي: "لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" 2 ويجوز كسر إن وفتحها والكسر أصح وأشهر، ويستحب أن يقف وقفة لطيفة عن قوله: والملك "ويكررها" أي جميع التلبية المذكورة لا لفظ لبيك فقط "ثلاثًا" والمقصود بلبيك وهو مثنى مضاف الإجابة لدعوة الحج في قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27] ، من لب بالمكان إذا أقام به، ومعناه أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة، فالقصد بلبيك التكثير لا التثنية والزيادة على ما ذكر غير مكروهة. "ثم" بعد فراغه من تلبيته وتكريرها ثلاثًا إن أراد أن "يصلي" ويسلم "على النبي صلى الله عليه وسلم" بصوت أخفض من صوت التلبية لتتميز عنها والأفضل صلاة التشهد. "ثم" بعد ذلك "يسأل الله تعالى الرضا والجنة والاستعاذة من النار" كما روي بسند ضعيف عن فعله صلى الله عليه وسلم "ثم دعا بما أحب" دينًا ودنيا، ويسن أن لا يتكلم في أثناء التلبية، وقد يندب له الكلام كرد السلام، وقد يجب كإنذار مشرف على التلف ويكره السلام عليه "وإذا رأى المحرم أو غيره شيئًا يعجبه أو يكرهه قال" ندبًا: "لبيك إن العيش" أي الغنى المطلوب الدائم "عيش الآخرة" أي فلا أحزن على فوات ما يعجب ولا أتأثر بحصول ما يكره وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك في أسر أحواله وفي أشد أحواله، فالأول وقوفه بعرفة لما رأى جميع المسلمين، والثاني في حفر الخندق لما رأى ما بالمسلمين.