تحب العفو فاعف عني، ويكتمها ويحييها ويحيي يومها كليلتها، ويحرم الوصال في الصوم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"ليلة القدر" لا تنتقل منها إلى غيرها وإن كانت تنتقل من ليلة منها إلى أخرى منها على ما اختاره النووي وغيره جمعًا بين الأخبار المتعارضة في محلها وحثا على إحياء جميع ليالي العشر، وقال جماعة منهم الشافعي رضي الله عنه تلزم ليلة بعينها وأرجاها عنده ليلة الحادي أو الثالث والعشرين ثم سائر الأوتار وهي من خصائص هذه الأمة والتي يفرق فيها كل أمر حكيم1، وأفضل ليالي السنة وباقية إلى يوم القيامة إجماعًا، والمراد برفعها في الخبر2 رفع علم عينها وإلا لم يؤمر بالتماسها فيه. "ويقول فيها: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" لما صح أنه صلى الله عليه وسلم أمر عائشة بقول ذلك إن وافقتها3. "ويكتمها" ندبًا إذا رآها. "ويحييها ويحيي يومها كليلتها" بالعبادة بإخلاص وصحة يقين ويجتهد في بذل الوسع في ذلك لقوله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] ، أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وصح: "من قام ليلة القدر إيمانًا" أي تصديقًا بأنها حق وطاعة "واحتسابًا" أي طلبًا لرضا الله تعالى وثوابه لا للرياء ونحوه "غفر الله له ما تقدم من ذنبه" 4، وقيس بها يومها، ومن علاماتها عدم الحر والبرد فيها، وأن تطلع الشمس صبيحتها بيضاء بلا كثرة شعاع لخبر مسلم بذلك5، وحكمة ذلك كثرة صعود الملائكة ونزولها فيها فسترت بأجنحتها وأجسادها اللطيفة ضوء الشمس وشعاعها، ولا ينال كمال فضلها إلا من أطلع عليها.