وبلغ الخبر العباس بن مرداس فقال أبياتا وبعث بها مع الحاج إلى قيس بن نشبة بن أبي عامر: (البسيط)
إن كان جارك لم تنفعك ذمته ... حتى سقيت بكأس الذل أنفاسا
فأت البيوت فكن من أهلها صددا [1] ... تلقى ابن حرب [2] وتلقى المرأ عباسا
ساقي الحجيج وهذا ياسر فلج ... والمجد يورث أخماسا وأسداسا
فلما ظهر هذا الشعر قال أبو سفيان: إنه قد جعل المجد أخماسا وأسداسا فصير الأخماس للعباس وصير لي الأسداس، فعليك بالعباس، فذهب إلى العباس فأخذ له بحقه وقال له: إنا لك جار كلما دخلت مكة فما ذهب لك فهو عليّ، وقال العباس بن عبد المطلب في ذلك: (الطويل)
حفظت لقيس حقه وذمامه ... وأسعطت [3] فيه الرغم من كان راغما
سأنصره ما كان حيا وإن أمت ... أحض عليه للتناصر هاشما
وكان بينه وبين بني هاشم تلك الخلة [4] حتى بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم، قال فوفد قيس بن نشبة على النبي صلى الله عليه وكان قيس قد قرأ الكتب، قال للنبي صلى الله عليه: إنه لم يبعث الله نبيا قط الا وسيطا في قومه مرضيا وقد علمنا أنك وسيط في قومك مرضي عندهم ولكن أتأذن فأسألك عما كانت تسأل عنه الأنبياء؟ قال: نعم، قال: أتعرف كحل [5] ؟
قال: هي السماء، قال: أتعرف محل؟ قال: نعم، هي الأرض، قال: لمن هما؟ قال: لله تعالى، ولله الأمر من قبل ومن بعد، فأسلم قيس بن نشبة وأنشأ يقول: (الكامل)