مات منها، وقدم خداش فسأل عنه، فقال: أصابه قدره، فصدّقوه ولم يظنوا غير ذلك، فمكثوا حتى قدم حاج العرب في الموسم فأقبل أولئك الحي الذين عهد إليهم عامر ما عهد يسألون عن نادي بني عبد مناف، فأشير لهم إليهم فجاؤهم فأخبروهم خبر عامر وخداش يطوف بالبيت لا يعلم بما كان، فقام رجال بني عبد مناف إلى صفة [1] زمزم فأخذوا عمدا [2] عنها وعمدوا إلى خداش وهو يطوف بالبيت فضربوه بها حتى برد وقال الناس: الله الله يا بني عبد مناف! وقال خداش: الله الله ما لي ولكم، قالوا: قتلت صاحبنا، قال:
والله ما قتلته، فلما قال لهم ذلك تناهوا عنه وتناصفوا فيه حتى صار أمرهم إلى أن قيل خداش يحلف خمسين رجلا من بني عامر بن لؤي أنه لبريء من دمه ثم يعقلونه [3] بعد لكم، فرضيت بنو عبد مناف ذلك، فلما تقدم رجال من بني عامر بن لؤي ليحلفوا عند الكعبة وفيهم حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس أقبلت أمه حتى أخذت بيده وقالت: والله لا يحلف معكم اليوم على هذا، وانطلقت به، فأدخلوا مكانه رجلا ثم حلفوا عند الركن أن خداشا من دمه بريء ثم ودوه، فلم يحل الحول على رجل واحد من الذين حلفوا [4] وصارت عامة رباعهم لحويطب بن عبد العزى وراثة وهلك القوم، فبذلك كان حويطب أعظم ربعا بمكة وأكثرهم، وقال أبو طالب في ذلك لخداش [5] بن عبد الله: (الطويل)
أفي فضل حبل لا أبا لك [6] ضربة ... بمنسأة [7] قد جاء حبل بأحبل [8]