واعتمد في جمعه على زهاء ألف كتاب ذكر قسما منها في آخر التكملة ومن بينها الكتب الآتية لابن حبيب: المنمق، والمنمنم، والمحبر، والموشى، والمفوف، والمؤتلف والمختلف، وما جاء اسمان أحدهما أشهر من صاحبه، وكتاب الطير، وكتاب النخلة، [1]- هذه تسعة كتب منها أربعة في قائمة الفهرست، وياقوت، والخمسة الباقية جديدة فتبلغ بها عدة مؤلفات ابن حبيب خمسة وأربعين [2] مؤلفا والمطبوع منها فيما أعلم ستة وهي: المحبر، وكتاب المغتالين [3] ، ومن لقب ببيت شعر قاله، وكنى الشعراء، وألقابهم، وأمهات النبي.
ويظهر لي أن المنمق الذي ذكره الصغاني هو ليس كتاب الأمثال على أفعل كما قيل في إرشاد الأريب، بل هو كتاب تاريخ قريش الذي نحن في صدده، والدليل على ذلك أن طائفة من الكلمات الغريبة التي جاءت في المنمق لم أجدها في قاموس آخر مع بحثي عنها، ولعل سبب غرابة الكتاب وندرته أن فيه روايات حول الصحابة وأكابر الإسلام الأولين لا يرضاها المسلمون فإنها تلقى ضوءا منكرا على بعض شئون حياتهم، فلم ينل الكتاب حظا عند الناس ولم يروه الرواة ولم ينسخه النساخ فكسدت سوقه ولم يشتهر.
والعجب الآخر أننا لا نعرف اسم الراوي الذي يقدم لنا المنمق فإن الكتاب يبتدئ بهذه العبارة: أخبرنا أبو الحسن محمد بن العباس الحنبلي قال: أخبرنا محمد بن حبيب، فمن هذا الذي يخبرنا عن أبي الحسن؟ ويزعم هذا المخبر المجهول أن أبا الحسن محمد بن العباس سمع عن ابن حبيب وهذا مستحيل لأن أبا الحسن محمد بن العباس لم يكن موجودا في حياة ابن حبيب البتة فإنه ولد حوالي سنة 310 هـ/ 922 م ومات سنة 384 هـ/ 994 م وكان ابن حبيب قد توفي سنة 245 هـ/ 859 م نحو قرن ونصف قبل أبي الحسن، ويحتمل أن يكون هذا الإسناد منقوصا نقصه بعض النساخ ونستطيع أن نصلحه كما يلي: أخبرنا أبو الحسن محمد بن العباس عن أبيه عن أبي سعيد