إن كانت غير صحيحة فلم تصلي؟ فربما يقول: لرياضة الجسد، ولعادة أهل البلد، وحفظ المال والولد. وربما قال: الشريعة صحيحة، والنبوة حق فيقال: فلم تشرب الخمر؟ فيقول: إنما نهي عن الخمر لأنها تورث العداوة والبغضاء، وأنا بحكمتي محترز عن ذلك، وإني أقصد به تشحيذ خاطري. حتى أن ابن سينا ذكر في وصية له كتب فيها: إنه عاهد الله تعالى على كذا وكذا، وأن يعظم الأوضاع الشرعية، ولا يقصر في العبادات الدينية، ولا يشرب تلهياً بل تداوياً وتشافياً فكان منتهى حالته في صفاء الإيمان، والتزام العبادات، أن استثنى شرب الخمرة لغرض التشافي، فهذا إيمان من يدعي الإيمان منهم، وقد انخدع بهم جماعة، وزادهم انخداعاً ضعف اعتراض المعترضين عليهم، إذ اعترضوا بمجاهدة علم الهندسة والمنطق، وغير ذلك مما هو ضروري لهم، على ما بينا علته من قبل.
فلما رأيت أصناف الخلق قد ضعف إيمانهم إلى هذا الحد بهذه الأسباب، ورأيت نفسي ملبة بكشف هذه الشبهة، حتى كان إفضاح