فإني تتبعت مدة آحاد الخلق، أسألُ من يقصر منهم في متابعة الشرع وأسأله عن شبهته وأبحث عن عقيدته وسره وقلت له: مالك تقصر فيها فإن كنت تؤمن بالآخرة ولست تستعد لها وتبيعها بالدنيا، فهذه حماقة، فإنك لا تبيع الاثنين بواحد، فكيف تبيع ما لا نهاية له بأيام معدودة؟ وإن كنت لا تؤمن، فأنت كافر، فدبر نفسك في طلب الإيمان، وانظر سبب كفرك الخفي الذي هو مذهبك باطناً، وهو سبب جرأتك ظاهراً، وإن كنت لا تصرح به تجملاً بالإيمان وتشرفاً بذكر الشرع.
فقائل يقول: إن هذا أمر لو وجبت المحافظة عليه، لكان العلماء أجدر بذلك، وفلان من المشاهير بين الفضلاء لا يصلي، وفلان يشرب الخمر، وفلان يأكل أموال الأوقاف وأموال اليتامى. وفلان يأكل إدرار السلطان ولا يحترز عن الحرام، وفلان يأخذ الرشوة على القضاء والشهادة وهلم جراً إلى أمثاله. وقائل ثان: يدعي علم التصوف، ويزعم أنه قد بلغ مبلغاً ترقى عن الحاجة إلى العبادة!.
وقائل ثالث يتعلل بشبهة أخرى من شبهات أهل الإباحة! وهؤلاء هم الذين ضلوا عن التصوف.