وكذلك إلى أن يجاوز عالم المحسوسات، فيخلق فيه التمييز، وهو قريب من سبع سنين، وهو طور آخر من أطور وجوده. فيدرك فيه أموراً زائدة على عالم المحسوسات، ولا يوجد منها شيء في عالم الحس.

ثم يترقى إلى طول آخر، فيخلق له العقل، فيدرك الواجبات والجائزات والمستحيلات، وأموراً لا توجد في الأطوار التي قبله. ووراء العقل طور آخر تفتح فيه عين أخرى يبصر بها الغيب وما سيكون في المستقبل، وأموراً أخر، العقل معزول عنها كعزل قوة التمييز. من إدراك المعقولات، وكعزل قوة الحس عن مدركات التمييز، وكما أن المميز لو عرضت عليه مدركات العقل لأباها واستبعدها، فكذلك بعض العقلاء أبوا مدركات النبوة واستبعدوها، وذلك عين الجهل: إذ لا مستند لهم إلا أنه طور لم يبلغه ولم يوجد في حقه، فيظن أنه غير موجود في نفسه. والأكمه لو لم يعلم بالتواتر والتسامع الألوان والأشكال، وحكي له ذلك ابتداء، لم يفهمها ولم يقربها. وقد قرب الله تعالى على خلقه بأن أعطاهم نموذجاً من خاصية النبوة، وهو النوم، إذ النائم يدرك ما سيكون من الغيب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015