وكذلك أمر صرف الزكاة إلى الفقير، فربما يظنه فقيراً باجتهاده وهو غني باطناً بإخفائه ماله، فلا يكون مؤاخذاً به وإن أخطأ، لأنه لم يؤاخذ إلا بموجب ظنه. فإن قال: ظن مخالفهِ كظنه فأقول: هو مأمور باتباع ظن نفسه، كالمجتهد في القبلة يتبع ظنه وإن خالفه غيره فإن قال: فالمقلد يتبع أبا حنيفة والشافعي رحمهما الله أم غيرهما؟ فأقول: فالمقلد في القبلة عند الاشتباه في معرفة الأفضل الأعلم بدلائل القبلة، فيتبع ذلك الاجتهاد، فكذلك في المذاهب فرد الخلق إلى الاجتهاد - ضرورة - الأنبياءُ والأئمة مع العلم بأنهم قد يخطئون، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
" أنا أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ". أي أنا أحكم بغالب الظن الحاصل من قول الشهود، وربما أخطأوا فيه. ولا سبيل إلى الأمن من الخطأ للأنبياء في مثل هذه المجتهدات فيكف يطمع في ذلك؟.