العسل، وإن وجده في محجمة الحجَّام، ويتحقق أن المحجمة لا تغير ذات العسل، فإن نفرة الطبع عنه مبنية على جهل عامي منشؤه أن المحجمة إنما صنعت للدم المستقذر، فيظن أن الدم مستقذر لكونه في المحجمة، ولا يدري أنه مستقذر لصفة في ذاته، فإذا عدمت هذه الصفة في العسل، فكونه في ظرفه لا يكسبه تلك الصفة، فلا ينبغي أن يوجب له الاستقذار، وهذا وهم باطل، وهو غالب على أكثر الخلق. فإذا نسبت الكلام وأسندته إلى قائل حسن فيه اعتقادهم، قبلوه وإن كان باطلاً، وإن أسندته إلى من ساء فيه اعتقادهم ردوه وإن كان حقاً، فأبداً يعرفون الحق بالرجال ولا يعرفون الرجال بالحق، وهو غاية الضلال! هذه آفة الرد.
2 - والآفة الثانية آفة القبول: فإن من نظر في كتبهم كإخوان الصفا وغيره، فرأى ما مزجوه بكلامهم من الحكم النبوية، والكلمات الصوفية، ربما استحسنها وقبلها، وحسن اعتقاده فيها، فيسارع إلى قبول باطلهم الممزوج به لحسن ظنه مما رآه استحسنه، وذلك نوع استدراج إلى الباطل.