حتى يتساهل معه في أعماله، لفضيلة علمه. وإن جاز أن يكون زيادة حجة عليه، فهو يجوز أن يكون زيادة درجة له وهو ممكن. فهو وإن ترك العمل، يدلي بالعلم. وأما أنت أيها العامي! إذا نظرت إليه وتركت العمل وأنت عن العلم عاطل، فتهلك بسوء عملك ولا شفيع لك.

الثالث: هو الحقيقة، أن العالم الحقيقي لا يقارف معصية إلا على سبيل الهفوة، ولا يكون مصراً على المعاصي أصلاً. إذ العلم الحقيقي ما يعرف أن المعصية سهم مهلك، وأن الآخرة خير من الدنيا. ومن عرف ذلك، لا يبيع الخير بما هو أدنى منه. وهذا العلم لا يحصل بأنواع العلوم التي يشتغل بها أكثر الناس. فلذلك لا يزيدهم ذلك العلم إلا جرأة على معصية الله تعالى. وأما العلم الحقيقي، فيزيد صاحبه خشية وخوفاً ورجاء، وذلك يحول بينه وبني المعاصي إلا الهفوات التي لا ينفك عنها البشر في الفترات وذلك لا يدل على ضعف الإيمان. فالمؤمن مفتن تواب وهو بعيد عن الإصرار والإكباب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015