8 -
(وَنُزُلُهُمُ وَطُلُوعُهُمُ ... فَعَلَى دَرَكٍ وَعَلَى دَرَجِ)
وَأما نزولهم أَي الْخلق من علو إِلَى سفل حسا أَو عقلا أَعنِي برتبة وطلوعهم من سفل إِلَى علو كَذَلِك فعلى دَرك فِي الأول وعَلى درج فِي الثَّانِي وَفِي نُسْخَة فَإلَى دَرك وَإِلَى درج يُقَال النَّار دركات وَالْجنَّة دَرَجَات والمناسبة ظَاهِرَة نبه بِهَذَا الْبَيْت وَمَا بعده على طلب الْخَوْف والرجاء والتوكل وَالتَّسْلِيم لأمر الله تَعَالَى تَأْكِيدًا لأمر الصَّبْر الَّذِي هُوَ أساس التَّقْوَى وَقد شبه مَا حصل للْعَبد من محسوس ومعقول بالدرك والدرج بِجَامِع الْمَحَلِّيَّة لِأَن الدَّرك والدرج محلان لمن حلا فيهمَا فِي وَقت مَخْصُوص كَمَا أَن الِانْتِقَالَات فِي الأحيان واكتساب الْمعَانِي السفلية والعلوية مَحل لكسبه مقدرَة بمقادير وصفات مَخْصُوصَة. . وَأطلق اسْم الْمُشبه بِهِ على الْمُشبه كَمَا أطلق اسْم النُّزُول والطلوع على اكتسابهما مُبَالغَة بالاستعارة التحقيقية وَفِي الْبَيْت الطباق فِي المصراعين والمناسبة اللفظية فيهمَا هِيَ الْإِتْيَان بِكَلِمَات مرتبات مقفيات كَمَا فِي الأول أَو غير مقفيات كَمَا فِي الثَّانِي واللف والنشر وَهُوَ أَن يَأْتِي بأَشْيَاء ثمَّ تقَابل بأَشْيَاء بعددها يرد كل مِنْهَا إِلَى مَا يُنَاسِبه من غير تعْيين ثِقَة بفهم السَّامع والترديد فِي على والجناس اللَّاحِق وَهُوَ مَا اخْتلفت كَلِمَاته بِحرف بعيد فِي الْمخْرج وَهُوَ فِي دَرك ودرج كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإنَّهُ على ذَلِك لشهيد وَإنَّهُ لحب الْخَيْر لشديد}