للقريب على حدّ قول خُفَافِ ابن نُدْبَهَ:
أَقُوْلُ لَهُ وَالرُّمْحُ يَأْطُرُ مَتْنَهُ ... تَأَمَّلْ خُفَافاً إنَّنِي أَنَا ذَلِكا1
والنص الثاني هو إعراب الفراء قوله تعالى: {ذَلِكَ عِيْسَى ابْنُ مِرْيَمَ قَوْلَ الحَقِّ} 2 بنصب {قَوْلَ} 3 على التقريب في أحد وجهي النصب الجائزين في الآية وهي مسبوقة باسم الإشارة ذلك المشار بها للبعيد قال: "وقد قرأتِ القُرَّاءُ بالنصب {قَوْلَ الحَقِّ} وهو كثير يريدون به حقاً، وإن نَصَبْتَ القولَ وهو في النية من نعت عيسى كان صواباً كأنك قلت هذا عبد الله أخاه بعينه، والعرب تنصب الاسم المعرفة في هذا وذلك وأخواتهما فيقولون هذا عبد الله الأسدَ عادياً كما يقولون أسداً عادياً"4.
فجعل (قولَ) منصوباً على أنه مفعول مطلق في الوجه الأول، ومنصوباً على التقريب في الوجه الثاني، والعامل في التقريب هنا اسم الإشارة (ذلك) المختصة بالبعيد، وجعل عادياً حالاً من الأسد لا من عبد الله، وقوله والعرب تنصب الاسم المعرفة في هذا وذلك وأخواتهما دليل على أنه لم يفرّق بين هذا وذلك.
والذي يبدو لي أن الفراء لم يكن مُتحَمِّساً للتقريب، لأنَّ إلحاحه على الحال في الشواهد القرآنية المحتوية على أسماء الإشارة أكثر من إلحاحه على التقريب.