قال أبو الفتح: اعلم أن أصل "افْعَلَلَّ افْعَلَّلَ", فعلى هذا ينبغي أن يكون أصل "اطمأنَّ: اطمأْنَنَ" فكرهوا اجتماع مثلين متحركين، فأسكنوا الأول ونقلوا حركته إلى ما قبله, ثم أدغمت اللام الثانية في اللام الثالثة, فصار "اطمأنّ" كما ترى.
ويدل على أن "اطمأنّ"1 أصله: "اطمأنَنَ" وأنهم إنما فعلوا ذلك كراهة اجتماع مثلين متحركين, أنه إذا سكن الآخر منهما عاد البناء إلى أصله، ألا ترى أنك تقول: "اطمأننتُ" فتبين النون الأولى لما سكنت النون الآخرة2، فجرى ذلك3 مجرى "شدّ وضنّ" ثم تَسكُن اللام فتظهر العين فتقول: "شَدَدْتُ وضَنَنْتُ".
وكذلك "احمرّ" أصله: "احْمَرَرَ" بإظهار الراءين، ثم تنكَّبوا الجمع بين مثلين متحركين, فأسكنوا الراء الأولى وأدغموها في التي بعدها, فصارت "احْمَرَّ", ألا ترى أنك إذا أسكنت اللام الآخرة4 ظهرت الأولى, وذلك نحو5 قولك: "احمرَرْتُ واصفرَرْتُ"؟
فإن قيل: فهلا6 قالوا: "اطمأنن واحمرر" بالإظهار كما قالوا: "جلبب واقعنسس"؟ فالجواب: أنهم إنما بينوا جلبب ونحوه؛ لأنه ملحَق بدحرج, وبينوا اقعنسس؛ لأنه ملحق باحرنجم، فلما أرادوا مثالا لا يكون إلا متحركا لاختلاف حرفيه بينوا؛ ليدلوا على أنه ملحق به7.