لأن هذا في معنى: ما أفعله؛ وهو مشبه بقولهم: "هذا1 أقول منه، وأبيع منه، وأسير منه" لقرب معناه منه.
ويدلك على إلحاقهم فعل التعجب بالأسماء قولهم: "ما أُمَيْلحه، وما أحيسنه" حقروه كما تحقر الأسماء, والأفعال لا تحقر.
قال أبو الفتح: إنما أشبه فعل التعجب الأسماء؛ لأنه لا يتصرف كما أن الأسماء كذلك2؛ فلذلك صحح، فقيل: "ما أقومه" وأنت لا تقول: "أقْوَمَ زيد عمرا" في معنى "أقامه", ومن هنا لحقه التحقير كما يلحق الأسماء في قولهم: "ما أميلحه, وما أحيسنه" والأسماء إذا كانت في أوائلها3 الزوائد التي تكون في أوائل الأفعال, صححت ولم تعل.
وقد مضى ذكر هذا وستراه أيضا.
وإنما صح "أَفْعِلْ به" نحو: "أَسْيِرْ به، وأقوم به"؛ لأنك مخبر لا آمر, ومعناه "ما أفْعَلَه" نحو قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} 4 إنما معناه: ما أسمعهم، وما أبصرهم، وهو لفظ الأمر في معنى الخبر.
ويدل على أنه ليس أمرا كونه للواحد والواحدة، والاثنين والاثنتين, والجماعة، بلفظ واحد.
وذلك قولهم: "يا زيد أكرِمْ بعمرو، ويا هند أكرم بعمرو5، 6 ويا رجلان أكرم بزيد6, ويا امرأتان أكرم به, ويا رجال أكرم بزيد، ويا نساء أكرم بزيد"