قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)} [الأنبياء/101 - 103]
أمَّا الذينَ قَضَى اللهُ لَهُمْ بالرَّحْمَةِ والسَّعَادَةِ بِسَبَبِ إِيْمَانِهِمْ وَعَمَلِهِم الصَّالِحِ فِي الدُّنْيا، فَأُولئِكَ يُبْعَدُونَ عَنْ جَهَنَّم جَزَاءً لَهُمْ، وَثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللهِ.
وَفِي ذَلِكَ اليَوْمِ - يَوْمِ القِيَامَةِ - يَسْتَوْلِى عَلَى النَّاس الفَزَعُ الأَكْبَرُ لِهَوْلِ مَا يَرَوْنَِهُ، وَلِهَوْلِ المُفَاجَأةِ، وَلِِهَوْلِ مَا يَنْتَظِرُهُم مِنْ حِسَابٍ كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ، وَلَكِنَّ الَّذِيْنَ سَبَقَتْ لَهُمُ الحُسْنَى مِنْ رَبِهِّمْ، فَإِنَّهُمْ يُخِيفُهُمْ ذَلِكَ الفَزَعُ، وَلاَ يَحْزُنُهُمْ، فَقَدْ جَنَبَّهَمُ اللهُ تَعَالَى النَّارَ، وَجَنَّبَهُمْ سَمَاعَ حَسِيِسِها، وَرُؤْيَةَ مَا فِيهَا، وَأَدْخَلَهٌمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ، وَأَدْخَلَهُمْ الجَنَّةَ، فَتَلَقَّتْهُمُ المَلائِكَةُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ، وَيُهَنِّئُونَهُمْ بالسَّلامَةِ فِي هَذَا اليَوْمِ الَّذِي وَعَدَهُمْ اللهُ بِهِ. (?)
ولفظة «حَسِيسَها» من الألفاظ المصورة بجرسها لمعناها. فهو تنقل صوت النار وهي تسري وتحرق، وتحدث ذلك الصوت المفزع. وإنه لصوت يتفزع له الجلد ويقشعر. ولذلك نجي الذين سبقت لهم الحسنى من سماعه - فضلا على معاناته - نجوا من الفزع الأكبر الذي يذهل المشركين. وعاشوا فيما تشتهي أنفسهم من أمن ونعيم. وتتولى الملائكة استقبالهم بالترحيب، ومصاحبتهم لتطمئن قلوبهم في جو الفزع المرهوب (?)
فهؤلاء الذين سبقت لهم من الله الحسنى، هم مبعدون عن تلك النّار التي يتقلب على جمرها، ولهيبها، الكافرون والضالون .. فلا يخلص إلى المؤمنين شىء من حرّها، ولا يصل إلى أسماعهم حسٌّ من زفيرها وشهيقها «لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها» حتى لا تتأذى مشاعرهم بهذه الأصوات الرهيبة، المفزعة، «وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ» أي أنهم يلقون فى الجنة ما تشتهي أنفسهم، من نعيم دائم لا ينقطع أبدا .. «لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ» أي