وَمِنْ ثَمَّ لَا يُشْرَعُ التَّثْلِيثُ فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ الشَّيْءُ إذَا انْتَهَى نِهَايَتَهُ فِي التَّغْلِيظِ لَا يَقْبَلُ التَّغْلِيظَ كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ وَكَقَتْلِ الْعَمْدِ وَشَبَهِهِ لَا تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ غُلِّظَتْ فِي الْخَطَأِ.
وَوَقَعَ فِي " الشَّامِلِ الصَّغِيرِ " فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ، قَالَ: وَنُدِبَ التَّثْلِيثُ بِغَسْلَتَيْنِ بَعْدَ الطُّهْرِ بِسَبْعٍ أَوْ دُونَهَا، وَعَلَّلَهُ شَارِحُهُ بِأَنَّ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّطْهِيرُ لَا يُحْسَبُ إلَّا مَرَّةً وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الْقَوَاعِدِ.
وَيَقْرَبُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ حَيْثُ تُضَعَّفُ " أَنَّ الْجُبْرَانَ لَا يُضَعَّفُ " فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّا لَوْ ضَعَّفْنَاهُ كَانَ ضِعْفَ الضِّعْفِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى الضِّعْفِ لَا تَجُوزُ.
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ كَلَامُهُمْ فَقَدْ ذَكَرُوا فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ مَنَافِعُ بِوَصِيَّةِ أَوْ إجَارَةٍ لَا يَحْنَثُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِ الْمَالِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْأَعْيَانُ، وَذَكَرُوا فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ وَفَسَّرَهُ بِمَنْفَعَةٍ لَمْ يُقْبَلْ.
وَقَالَ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ أَجْمَعَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ مُطْلَقِ اسْمِ الْمَالِ لَكِنْ قَالُوا فِي بَابِ الْوَصَايَا: الْأَمْوَالُ تَنْقَسِمُ إلَى " أَعْيَانٍ " وَمَنَافِعَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إطْلَاقِهَا عَلَيْهَا.
أَمَّا عَلَى طَرِيقِ الْحَقِيقَةِ فَلَا.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ " فِيهَا " وَجْهَانِ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ عَقَارًا لِيُكْرِيَهُ بِزِيَادَةٍ وَيَرْبَحُ فَهَلْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَالٌ فَكَانَ التَّصَرُّفُ فِيهَا كَالتَّصَرُّفِ فِي الْأَعْيَانِ، وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَتْ بِأَمْوَالٍ حَاصِلَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ " بِعِوَضٍ ".