قُلْنَا: صَدَّنَا عَنْهُ فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَإِجْمَاعُ " الْأُمَّةِ.
وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا " كَثِيرٌ " مِنْ الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ وَمِنْ الْفُرُوعِ الْمَذْهَبِيَّةِ.
فَمِنْ الْأَوَّلِ: قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] .
الْآيَةَ هَلْ الْمُرَادُ تَوْزِيعُ " جَمِيعِ " الصَّدَقَاتِ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَصْنَافِ " أَوْ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الصَّدَقَاتِ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَصْنَافِ ".
وَبُنِيَ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ وُجُوبِ اسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ " بِكُلِّ " صَدَقَةٍ صَدَقَةٍ أَوْ يَكْفِي وَضْعُهَا فِي صِنْفٍ.
وَمِنْهَا: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَعْلِيلِ مَسْحِهِ عَلَى الْخُفَّيْنِ «إنِّي أَدْخَلْتهمَا طَاهِرَتَيْنِ» هَلْ " أَنَّهُ أَدْخَلَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ " قَدَمَيْهِ " " الْخُفَّ " وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَاهِرَةٌ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَدْخَلَ كِلَا الْقَدَمَيْنِ الْخُفَّيْنِ وَكُلُّ قَدَمٍ فِي " حَالِ " إدْخَالِهَا " الْخُفَّ طَاهِرَةٌ " وَبُنِيَ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا غَسَلَ رِجْلًا وَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ ثُمَّ " غَسَلَ " الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ تَوْزِيعِ الْفَرْدِ عَلَى الْجُمْلَةِ امْتَنَعَ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّهُ فِي