الْغَالِبِ لِعَدَمِ نِيَّةِ الْغَالِبِ " إذْ "
يَسْتَحْضِرُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: يَجْرِي مَجْرَى مَا وُجِدَتْ فِيهِ نِيَّةُ الْغَالِبِ لِغَلَبَةِ إرَادَةِ الْغَالِبِ عِنْدَ الِاسْتِرْسَالِ لِلْإِطْلَاقِ وَلَهُ الْتِفَاتٌ إلَى قَاعِدَةٍ عَقْلِيَّةٍ. الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ وَالْعِلْمِ بِالْعِلْمِ بِالشَّيْءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ حُضُورِ الشَّيْءِ وَحُضُورِ تَذَكُّرِهِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ حَاضِرًا وَلَا " يَحْضُرُنَا "
" تَذَكُّرُهُ "
" فَعَلَ "
ذَلِكَ فِي وَقْتِهِ.
وَالْمَلَكَاتُ النَّفْسَانِيَّةُ " كُلُّهَا "
مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ (الْعَقْلِ)
لَا يَحْصُلُ الْفِعْلُ إلَّا بِهِ فَإِذَا صَارَ ذَلِكَ مَلَكَةً لِلنَّفْسِ كَانَ الشَّرْطُ حَاضِرًا.
وَإِلَّا لَوُجِدَ الْمَشْرُوطُ بِدُونِ شَرْطِهِ لَكِنَّهُ لَمَّا حَصَلَ الْعِلْمُ بِهِ عِنْدَ الْفِعْلِ وَلَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ بِالْعِلْمِ بِهِ أَوْ حَصَلَ لَكِنْ لَمْ يَحْضُرْ تَذَكُّرُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ وَقْتِ حُضُورِهِ.
مِثَالُهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّةِ التَّرْكِيبِ بَيْنَ الْحُرُوفِ وَتَقَدُّمِ بَعْضِهَا " عَلَى بَعْضٍ "
ضَرُورَةً ثُمَّ إنَّهَا تَكْثُرُ وَتَتَكَرَّرُ إلَى أَنْ تَصِيرَ مَلَكَةً لِلنَّفْسِ فَيَكْتُبُ مَا شَاءَ اللَّهُ " تَعَالَى "
أَنْ يَكْتُبَ وَلَا يَسْتَحْضِرُ أَنَّهُ رَتَّبَ التَّرْتِيبَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ انْتِظَامُ الْكِتَابَةِ.
وَفِي التَّحْقِيقِ قَدْ حَصَلَ ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عِنْدَ الْكِتَابَةِ لَهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ تَذَكُّرُهُ بَعْدَ انْقِضَائِهِ، وَكَذَلِكَ وَنَقُولُ " فِي الْكَلَامِ إذَا كَثُرَ " اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنًى " وَتَكَرَّرَ " عَلَى الْأَلْسِنَةِ فَإِنَّهُ عِنْدَ الِاسْتِرْسَالِ يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ سُئِلَ الْمُتَكَلِّمُ هَلْ تَسْتَحْضِرُ أَنَّك أَرَدْت بِهِ هَذَا الْمَعْنَى الْمُعَيَّنَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَضَرَتْهُ النِّيَّةُ " فِيهَا " بِعَيْنِهَا " وَيَجْرِي "
هَذَا النَّظَرُ فِي بَعْضِ دَلَائِلِ