بِالْقُرْآنِ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "
، لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ.
" وَلَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الْعَوَامّ وَالْجُهَّالِ وَخَالَفَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَفِي قَوْلِهِمَا بَعْدُ "
، وَلَا سِيَّمَا فِي حَقِّ مَنْ حَلَفَ بِالْمُصْحَفِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَخْطِرُ بِبَالِهِ الْكَلَامُ الْقَدِيمُ وَلَا التَّجَوُّزُ بِالْمُصْحَفِ عَنْهُ بَلْ الْحَلِفُ بِهِ كَالْحَلِفِ بِالْكَعْبَةِ وَالنَّبِيِّ.
قُلْت: بَلْ قَوْلُهُمَا هُوَ الْقَرِيبُ؛ لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَلِهَذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا بَيْنَ دَفَّتَيْ الْمُصْحَفِ كَلَامُ اللَّهِ " تَعَالَى "
، " وَالْعُرْفُ "
لَا يُخَالِفُهُ، وَأَمَّا الْمَعْنَى الَّذِي لَمَحَهُ الشَّيْخُ فَذَاكَ بِاعْتِبَارِ الْحَقِيقَةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْإِيمَانِ " لَا تَنْبَنِي "
عَلَيْهَا.
الرَّابِعُ: اللَّفْظُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُكَلَّفِ إذَا عُرِفَ مَدْلُولُهُ فِي اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ لَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَّا بِأُمُورٍ: أَحَدُهَا " أَنْ يُنْقَلَ عَنْهُ وَيَصِيرُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي غَيْرِهِ كَالدَّابَّةِ فِي الْحِمَارِ فَحِينَئِذٍ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُتَكَلِّمِ بِهَا مِنْ أَهْلِ الْعُرْفِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَدْلُولُهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْلُولُهُ فِي اللُّغَةِ وَصَارَ ذَلِكَ كَالنَّاسِخِ فِي الْأَحْكَامِ.
ثَانِيهَا: أَنْ يَنْوِيَ الْمُتَكَلِّمَ بِهِ غَيْرَ مَدْلُولِهِ الظَّاهِرِ وَيَكُونَ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لِمَا نَوَاهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ " وَقِيلَ ":
لَا يُقْبَلُ بِحَسَبِ قُرْبِهِ مِنْ اللَّفْظِ وَبُعْدِهِ.