وَفَرَّقَ الْأَصْحَابُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَجَّ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِالْقَوْلِ " فَلَمْ " يَخْرُجْ مِنْهُ بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَجَّ لَمَّا جَازَ أَنْ يَنْعَقِدَ مَعَ مَا يُضَادُّهُ وَهُوَ مَا إذَا أَحْرَمَ مُجَامِعًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ فَاسِدًا فَلِهَذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ بِالْفَسَادِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ " فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ " مَعَ مَضَائِهِ، فَلِهَذَا خَرَجَ " مِنْهُ " بِالْفَسَادِ.
وَقَدْ يُورَدُ " عَلَى الْحَصْرِ فِي الْحَجِّ " أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: الصَّوْمُ فَإِنَّهُ إذَا أَفْسَدَهُ " لَزِمَهُ " الْإِمْسَاكُ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُ شَيْءٍ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ وَهُوَ مِثْلُ الْحَجِّ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَعَلَى هَذَا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُجَامِعِ فِي رَمَضَانَ بَعْدَ جِمَاعٍ آخَرَ " لِاشْتِرَاكِ " الْعِبَادَتَيْنِ فِي أَنَّهُ ارْتَكَبَ " مَحْظُورًا " مِنْ مَحْظُورَاتِهِ بَعْدَ إفْسَادِهَا، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُوجِبَ لِكَفَّارَةِ الْجِمَاعِ إفْسَادُ الصَّوْمِ وَهُوَ فَاسِدٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ.
الثَّانِي: لَوْ " اُضْطُرَّ " فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ " إلَى " الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ عُذِرَ فِي الْأَصَحِّ وَنَقَلَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ نَصِّ " الْإِمَامِ " أَنَّهَا تَبْطُلُ وَيَمْضِي " فِي صَلَاتِهِ " وَيُعِيدُ وَقَدْ يُؤَوَّلُ قَوْلُهُ: " تَبْطُلُ " أَنَّهَا لَا تُغْنِي عَنْ الْقَضَاءِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يَمْضِي فِيهَا مَعَ الْحُكْمِ بِالْبُطْلَانِ، وَسَبَقَ فِي