يُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ فِي الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي بِالتَّصَرُّفِ، وَأَمَّا الْعَارِيَّةُ فَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا هِبَةٌ لِلْمَنَافِعِ فَلَا تُمْلَكُ بِدُونِ الْقَبْضِ، وَإِنْ قُلْنَا: إبَاحَةٌ فَلَا تُمْلَكُ كَطَعَامِ الضَّيْفِ ثُمَّ مَا اُشْتُرِطَ فِيهِ الْقَبْضُ فَإِنَّهُ يَضِيقُ فِيهِ؛ لِبِنَائِهِ عَلَى الِاحْتِيَاطِ فَيَكُونُ مِنْ (الْجَانِبَيْنِ كَالرِّبَوِيَّاتِ) وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَالسَّلَمِ فَإِذَا تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَطَلَ.
وَأَيْضًا فَمِنْهُ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ وَلَا يَكْفِي الْحُكْمِيُّ وَهُوَ الصَّرْفُ وَالسَّلَمُ، وَلِهَذَا لَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ وَلَا الْإِبْرَاءُ.
وَمِنْهُ مَا يَكْفِي فِيهِ الْقَبْضُ الْحُكْمِيُّ، كَمَا إذَا أُثْبِتَ صَيْدٌ، وَوَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَلِهَذَا يَجُوزُ [لَهُ] بَيْعُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ، وَصَرَّحَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ بِأَنَّهُ إذَا أَفْلَتَهُ كَانَ فِي قَبْضِهِ حُكْمًا.
وَمِنْهُ الْأَرْزَاقُ الَّتِي يُخْرِجُهَا السُّلْطَانُ لِلنَّاسِ يَمْلِكُونَهَا قَبْلَ الْأَخْذِ، إذَا صَدَرَ مِنْهُمْ مَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ، وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ جَوَازَ بَيْعِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ.
وَلِهَذَا قَالُوا فِي كِتَابِ السِّيَرِ إنَّ أَفْرَازَ الْإِمَامِ لَا يُمْلَكُونَ (بِهِ) قَبْلَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَالُوا فِي كِتَابِ (السَّلَمِ) : يَجُوزُ جَعْلُ رَأْسِ الْمَالِ مَنْفَعَةَ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَيَتَعَيَّنُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ اكْتَفَيْنَا بِهَذَا الْمُمْكِنِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَبَقَ أَنَّ (السَّلَمَ) لَا يَكْفِي فِيهِ الْقَبْضُ الْحُكْمِيُّ.
وَلَوْ رَجَعَ الْأَبُ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ مَلَكَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَلِهَذَا كَانَ (لَهُ بَيْعُهُ) قَبْلَ اسْتِرْدَادِهِ.