وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا تَعَقَّبَ شَيْءٌ جُمْلَةً مُرَكَّبَةً مِنْ أَجْزَاءٍ فَهَلْ الْمُؤَثِّرُ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْهَا أَوْ الْمَجْمُوعُ. فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ تَرَدُّدٌ. وَمِثْلُهُ الْخِلَافُ فِي الْحُكْمِ (الْمُتَرَتِّبِ) عَلَى اللَّفْظِ هَلْ (هُوَ يُنَاطُ) بِآخَرِ جُزْءٍ مِنْهُ أَوْ بِكُلِّهِ وَيَظْهَرُ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ أَنَّهُ لَفْظِيٌّ لِأَنَّ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ مُتَوَقِّفُ الْوُجُودِ عَلَى مَا سَبَقَهُ فَلِمَا سَبَقَهُ مَدْخَلٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ مَعْنَوِيٌّ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَوَائِدُ وَالْمَعْزُوُّ لِمَذْهَبِنَا أَنَّ الْمُؤَثِّرَ الْمَجْمُوعُ. وَمُقَابِلُهُ الْمَعْزُوُّ لِأَبِي حَنِيفَةَ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) . وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا مَأْخُوذٌ مِنْ مَسْأَلَةِ (السُّكْرِ) بِالْقَدَحِ الْعَاشِرِ فَحَكَمَ الشَّافِعِيُّ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) بِأَنَّ السُّكْرَ لَا يَحْصُلُ بِالْقَدَحِ الْأَخِيرِ وَحْدَهُ بَلْ بِهِ وَبِمَا قَبْلَهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حُكْمُ مَا قَبْلَهُ فِي التَّحْرِيمِ وَإِيجَابِ الْحَدِّ حُكْمُهُ. وَحَكَمَ أَبُو حَنِيفَةَ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) بِحُصُولِهِ بِالْأَخِيرِ وَلِهَذَا لَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ عَلَى شَارِبِ النَّبِيذِ إذَا لَمْ يَسْكَرْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَفْسَدَةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ عِنْدَ انْضِمَامِهِ إلَى غَيْرِهِ. وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ أَشَارَ إلَيْهَا الرَّافِعِيُّ فِي (كِتَابِ الْخُلْعِ) وَغَيْرِهِ وَلَهَا فُرُوعٌ.
(الْأَوَّلُ) : لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدَةً فَالنَّصُّ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ وَالتَّحْرِيمَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى