وَأَمَّا الْأَمَانَاتُ الشَّرْعِيَّةُ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ وَهَلْ تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ، كَمَا إذَا خَلَّصَ الْمُحْرِمُ (الصَّيْدَ) مِنْ جَارِحِهِ؛ لِيُدَاوِيَهُ فَتَلِفَ (عِنْدَهُ أَوْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ مِنْ صَبِيٍّ صِيَانَةً لَهَا؛ لِيَرُدَّهَا لِوَلِيِّهِ فَتَلِفَتْ) فِي يَدِهِ أَوْ الْتَقَطَ مَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ؛ لِلْحِفْظِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْآحَادِ ذَلِكَ وَهُوَ (الصَّحِيحُ) الْمَنْصُوصُ.
وَمِثْلُهُ لَوْ أَطَارَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهٍ فَأَخَذَهُ؛ لِيَرُدَّهُ لِمَالِكِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ ظَفِرَ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِنَفْسِهِ وَيَسْتَوْفِي ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ ضَمِنَ، وَلَوْ نَقَصَ ضَمِنَ نَقْصَهُ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ مُؤْتَمَنًا؛ لِتَقْصِيرِهِ بِالتَّأْخِيرِ، وَلَا يُسْتَثْنَى مَا لَوْ انْتَزَعَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ؛ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ فَتَلِفَ عِنْدَهُ يَضْمَنُهُ فِي الْأَصَحِّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْآحَادِ (الِانْتِزَاعُ) فَإِنَّ الْقَاضِيَ نَائِبُ (الْغَائِبِينَ) وَلَيْسَ هُوَ بِمُؤْتَمَنٍ شَرْعًا.
الثَّالِثُ: الْإِتْلَافُ فِي النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ، وَضَمَانُ الْأَمْوَالِ مَبْنِيٌّ عَلَى (جَبْرِ الْفَائِتِ) ، وَضَمَانُ (النَّفْسِ) مَبْنِيٌّ عَلَى شِفَاءِ الْغَلِيلِ انْتَهَى.
وَيَفْتَرِقُ ضَمَانُ الْإِتْلَافِ وَالْيَدُ فِي أَنَّ ضَمَانَ الْإِتْلَافِ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ فِيهِ (بِالْمُبَاشَرَةِ) دُونَ السَّبَبِ فِي الْأَظْهَرِ وَضَمَانُ الْيَدِ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا؛ لِوُجُودِهِ فِي كُلِّ