قَالَ الْإِمَامُ إنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَلِيٍّ لَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْمَسْحِ وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِي صُورَتَيْ الْمُسَافِرِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ انْقِضَاءَ وَقْتِ الْمَسْحِ لَيْسَ " مِمَّا " يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِذَا " شَكَّ فِيهِ تَعَيَّنَ الرَّدُّ " لِلْأَصْلِ بِخِلَافِ الِانْتِهَاءِ لِدَارِ الْإِقَامَةِ وَالْعَزْمِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالشَّاكِّ فَجَاءَ وَجْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْهُ طَرَحَهُ.
وَاسْتَثْنَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الشَّكَّ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَالشَّكِّ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٌ " فِيهِمَا " عَلَى الْأَصَحِّ.
وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْعِبَادَةَ مَضَتْ كَامِلَةً عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّ الْمُكَلَّفِ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ بِهِ فَلَا أَثَرَ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ الشَّكِّ. وَبَقِيَتْ مَسَائِلُ أُخَرُ تُضَافُ " لِمَا " ذُكِرَ.
مِنْهَا: الْمَقْبَرَةُ إذَا شُكَّ نَبْشُهَا فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ " الصَّلَاةُ " فِيهَا مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّبْشِ.
وَمِنْهَا: إذَا جُومِعَتْ الْمَرْأَةُ وَقَضَتْ شَهْوَتَهَا ثُمَّ اغْتَسَلَتْ وَخَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّ الرَّجُلِ أَعَادَتْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اخْتِلَاطُ مَنِيِّهَا مَعَهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: لَوْ رَأَى مَنِيًّا فِي ثَوْبِهِ أَوْ فَرْشِهِ " الَّذِي لَا يَنَامُ " فِيهِ غَيْرُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ احْتِلَامًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ " الْحَدَثِ ". فَإِنْ قُلْت " إنَّمَا " وَجَبَ الْغُسْلُ إحَالَةً عَلَى مَا ظَهَرَ الْمَنِيُّ.